وكالة مهر للأنباء ــــ احمد محمد باقر: إرتطام الطائرتين ببرجي التجارة العالمية في منطقة مانهاتن بنيويورك دق وقتها ناقوس الخطر في المملكة التي تعتبر المتهم الرئيس في الحادث رغم محاولات البعض تبرئة ساحة المملكة من الإتهام – لإعتبارات مصلحية - وإلصاقها بدول أخرى؛ ومنذ ذلك الحين بدأت السلطات السعودية بالتفكير بوضع حد لتغول التيار الديني الذي طالما أخذت شرعيتها منه.
لكن الأمر بالنسبة للعهد الجديد في المملكة الذي يتزعمه محمد بن سلمان أخذ أبعاداً واسعة وأطلق العنان لعملية اجتثاث حقيقية شملت الرموز الدينية والفكرية والإجتماعية فقامت السلطات السعودية في العاشر من سبتمبر الماضي باعتقال ما لا يقل عن 76 شخصاً معظمهم من رجال الدين، والمفكرين، والأكاديميين، والكتاب، والقضاة والنشطاء الاجتماعيين بحسب بعض المصادر فيما أكدت مصادر أخرى بأن الأعداد أكثر من ذلك بكثير.
وقد دفع الأمر بمنظمات إنسانية مثل منظمة هيومن رايتس ووتش إلى التحذير من أن السلطات السعودية تقوم بحملة منسقة ضد المعارضين مؤكدة أن عددًا كبيرًا من الناشطين تم اعتقالهم في المملكة، وأن دوافع سياسية كانت وراء الاعتقال.
وقد سبقت موجة الإعتقالات هذه تصريحات أطلقها بن سلمان، في المؤتمر الاقتصادي الذي حمل اسم "مبادرة الاستثمار في المستقبل" والتي دعا فيها إلى العودة إلى ما أسماه بالإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم والذي يلبي تطلعات شباب المملكة وطموحات مئات المستثمرين على حد تعبيره مشيراً إلى إنه سوف يدمر الأفكار الهدامة اليوم وفورا.
وأشار بن سلمان إلى أن بلاده عانت خلال العقود الماضية من سيطرة ماوصفها بالمذاهب الصارمة التي حكمت المجتمع مشيراً إلى أنه قد آن الآوان لمحاربة هذه الأفكار والقضاء عليها فوراً.
تصريحات بن سلمان اعتبرت بأنها إعلان حرب شرسة على التوجهات الدينية عموماً والوهابية بشكل خاص وقد أصدرت السلطات سلسلة من القرارات تشير إلى تذمرها من هذه التوجهات فإلى جانب تعديل قوانين تسمح بقيادة المرأة للسيارة والذي طالما تصدت له رموز الوهابي صدرت أيضاً أوامر بالحد من صلاحيات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي ذراع الوهابية الطويل في المملكة كما أعلن – وهو الأهم - عن إنشاء ما سمي بمجمع للحديث النبوي الشريف الذي يعمل على حذف الأحاديث من النصوص والتفسيرات التي تبرر القتل والإرهاب، الأمر الذي اعتبر بمثابة إنقلاباً على أسس السلفية الوهابية التي تبنتها العائلة الحاكمة في السعودية منذ تأسيسها.
صحيح إن التحالف بين الوهابية والعائلة الحاكمة عبر التاريخ هو الذي مكن الأخيرة من الحصول على السلطة السياسية في السعودية وكذلك الإستمرار في حكم البلاد كل هذه الفترة إلا أن الوهابية أصبحت تمثل عبأً على السلطات نفسها بعد أن شكلت كارثة على العالم الإسلامي عموماً بعد تفريخها تنظيمات إرهابية تكفيرية مثل داعش والقاعدة وطالبان.
إذن ما تسعى إليه السعودية في ظل عهد بن سلمان الذي قد يتوج ملكاً للبلاد خلال العام 2018 هو نظام علماني لا دور فيه للدين أو الوهابية بشكل خاص إلا إذا اقتضت الضرورة وحينها سيتم استدعاء الدين لتقديم الخدمات المطلوبة.
*كاتب وخبير في شؤون الشرق الأوسط
تعليقك